رؤية لصناعة النقل الجوي السعودي (1)
د. سعد الأحمد
قبل غروب الشمس بقليل تظهر في سماء جدة طائرة السوبر جامبو A380 الخاصة بـ''طيران الإمارات'' في رحلتها اليومية من دبي إلى جدة. نظرت إلى هذه الطائرة العملاقة وهي تقترب من المدْرَج باستغراب وتساؤل عمّا يستدعي تشغيلها لمسار قصير بين دبي وجدة، وهي الطائرة العملاقة ذات الـ 500 مقعد ويزيد، المصمّمة للرحلات الطويلة ذات الطاقة الاستيعابية الكبيرة. فالرحلات القصيرة تزيد من السجل التراكمي لدورات هبوط الطائرات، وهذا بدوره يزيد من تكاليف الصيانة. قطع تفكيري في هذه المسألة ذات الجانب الاقتصادي والعملياتي المثل الشعبي الذي يقول ''الذيب ما يهرول عبث''، فلـ ''طيران الإمارات'' حسابات قد لا نعرفها. قبل أيام أعلنت هيئة الطيران المدني في إمارة دبي خطتها للسنوات العشر المقبلة، التي تشمل اعتماد ثمانية مليارات دولار لتوسعة مطار دبي الدولي ليكون قادرا على استيعاب 90 مليون مسافر في السنة بحلول عام 2018، أي بعد سبع سنوات فقط. وكان مطار دبي قد سجل 40 مليون مسافر في العام الماضي، أي أكثر من مطارات: القاهرة، جدة، وبيروت مجتمعة. بلغة الأرقام، 90 مليون مسافر يعني الحاجة إلى 50 مليون مسافر سيتم توفيرهم أو اكتسابهم بطريقتين، الأولى الحصول على حصص كبيرة من سوق السفر المتنامية سنويا عبر الرحلات المباشرة إلى دبي، والأخرى عبر تطويع المسافرين من مطاراتهم الحالية وتحويلهم إلى مطار دبي، وهذا ما يجري الآن في سوق السفر الجوي السعودية، حيث أدى تدني طاقة وجودة ''الخطوط السعودية'' والمطارات السعودية، إلى اتجاه المسافرين إلى مطارات بديلة كالبحرين ودبي. الخطة العشرية التي اعتمدتها حكومة دبي في الأسبوع الماضي تميزت بالشمولية والدقة، حيث أظهر فصل منها سياسة التوطين وتأهيل أبناء دبي لإدارة هذه الصناعة، حيث تتكفل صناعة النقل الجوي بخُمس الوظائف وثُلث الناتج المحلي في إمارة دبي. إن الخطأ الجسيم في صناعة العقار الناتج من الإفراط في التوسع قد يأتي تصحيحه من صناعة النقل الجوي والصناعة اللوجستية في هذه الإمارة التي تتميّز عن غيرها بتكامل وكفاءة بنيتها التحتية. هذه المقدمة التي تظهر أهمية صناعة النقل الجوي، وأنها معتبرة الحجم بين الصناعات الأخرى، تستدعي سرعة تقييم واقعها الحالي في المملكة؛ لمعرفة خط البداية الحقيقي، ومن ثم العمل على استراتيجية واضحة وواقعية. يتبع...
https://www.aleqt.com/2011/07/11/article_557803.html