[أوتار ممزقة]

مائدة الوطن العامرة يلتف حولها منتفخو البطون والعوام تلتقط الفُتات من الثرى.

ممتدة ليالى الغربة كامتداد الربع الخالى.

تهب نسائم الوطن أطيافاً تناغى أهدابى؛أشجار النخيل المنتصبة فى وقار وشموخ على حواف الترع؛حقول البرسيم الخضراء والتى تغفو على صدرها خيوط الشمس الناعمة وقت الأصيل؛الشوارع التى تحتض خُطى العابرين دون تذمر؛أسراب العصافير العائدة بطاناً إلى أعشاشها.

طفل يتشبث بذيل رداء أمه ولا يكف عن النشيج حتى تحمله على كتفها وهى مُثقلة من كد النهار؛صراخ جارتنا الذى يهتك أذنى كدوى أبواق الحرب فارتطم بالجدران.

السواعد السمراء الكادحة فى القٌر والحر والحمدلله قطرة ندى فى حلوقها.

آلاف الوجوه تزدحم بها عينى من القابعين والعابرين والراحلين.

أحمد الله لم تدب الشيخوخة فى جسد ذاكرتى بعد؛فما زلت أحتفظ فى تلابيب ذاكرتى بأغانى العبور العظيم رغم أنى وٌلدت بعد العبور...عدى النهار وبسم الله واسلمى يامصر......هنا يسكن الوطن.

عندما يشتعل أوار الحنين بين ضلوعى أرطب لسانى بتلك الأغانى فتسقط دمعة حارة لتكون هبوباً بارداً يخفف وطأة الحنين.

ربما تعترينى بعض من أعراض الزهايمر المبكر وأعلم أنه بعدما اشتغلت عقول الكثيرين من الشباب بالسياسة فإنه سينقض على أمخاخهم بلا محالة.

ثلاثىة أعوام مرت على ثورة يناير المجيدة ؛تلك الثورة التى انتفضت على أعتابها أحلام كانت تحتضر فأراد الله لها بعثاً جديداً.

حلم الفقراء والكادحين؛حلم الشباب البائسين؛حلم عوام ضاقت ذات يدهم وبرحت بهم الحاجة.

ثلاثة أعوام ياوطن والثورة فى صدورنا مٌعلقة بين الموت والحياة.

مابين نعيق الفاسدين والعابثين والحمقى وأنين البسطاء تترنح ياوطن.

لا وقت لديك للنحيب فخلف كل موكب شهيد موكب شهيد جديد.

من يد لئيم للئيم تتمرغ ياوطن فى دماء أبنائك الأبرياء وترفل فى سرابيل فجائع لا تنتهى.

هنا أسكب دمعة على جبينك ياوطن يسرى فى جسده الشتات وجروحه عارية ؛تسرق الرياح خطواته وتقتات من لحمه الذئاب والغربان ..وتنفث الأفاعى سمها القاتل كراهية وعنفاً فى عقول وقلوب أبنائه.

هنا أسكب دمعة على جبينك ياوطن ..جٌعلت أجساد شبابه أحطاباً تحترق لتٌعَبِد بالألم طريقاً للأمل.

هنا أسكب دمعة على جبينك ياوطن..فلعل دمعتى ودمعة أم الشهيد ودمعة البسطاء تٌورق جبينك بساتين من أمان ونماء.


تحت الأنقاض روح تنتفض تلوح بيدها (أنا الوطن)


بقلم

أوتار ممزقة

هيام