المقالات الصحفية Rumours &Newsتنبيه: تأمل إدارة المنتدى متابعة الأخبار المتميزة فقط إن المقالات في هذا القسم قد تم الحصول عليها من شركات أو من وكالات علاقات عامة, وتعتبر تلك الوكالات الجهة الوحيدة المسئولة عن محتويات هذه المقالات
المقال اليومى ....خصخصة الخطوط السعودية رحلة لن تنتهي..
خصخصة الخطوط السعودية رحلة لن تنتهي..
تعيش الخطوط السعودية مأزقاً مستمراً مع محاولة الوصول إلى نقطة تتيح لها تفعيل برنامج الخصخصة المعلن عنه، ولا يبدو أن لها مطاراً تحط فيه. فمنذ حوالي عشر السنوات، ورحلة الخصخصة تحلق في تشتت تنقصه بوصلة تحدد الاتجاه بدقة، مع أن أهداف الخصخصة واضحة المعالم تتمحور حول كسر الاحتكار وتشجيع المنافسة في هذا القطاع الحيوي لتوفير خدمة تنافسية للمستهلك، وخفض النفقات الحكومية، ورفع الكفاءة. ولكن لا يبدو أن هذه الأمور في سبيلها للتحقق، والثمن يدفعه المستهلك والخزنة العامة، وهو ما يدفع كل متابع لخصخصة الخطوط السعودية للاقتناع بأن ما يحدث على أرض الواقع ليس سوى محاولة يائسة لإنقاذ شخص متوفى دماغيا.
فمن ناحية المستهلك، تسن الخطوط السعودية ما تشاء من أنظمة دون مراعاة لوضعها الاحتكاري للنقل الجوي داخل المملكة العربية السعودية – نعم هي محتكرة حتى بوجود خطوط ناس وسما. فهي تعلن عن رفع أسعار وعن فرض مزيد من الرسوم على التذاكر وتسميها بأسماء مغايرة رغم أنه بموجب النظام الأساسي لا يحق فرض ضريبة أو رسم أو أي تكليف مالي إلا للاحتياج وبشرط أن يصدر هذا التكليف المالي بموجب نظام يصدر بموجب مرسوم ملكي. ومع هذا تقتطف الخطوط السعودية من الأنظمة ما تشاء، فتفرض رسوما، وغرامات بشكل لا يتناسب مع كونها منشأة فعليا لا تزال حكومية، وآخرها ما أعلنته حديثا بفرض غرامة 25% على من يتخلف عن الرحلة. والخطوط السعودية وإن كانت كياناً "نظريا" يفترض أن ينتمي للقطاع الخاص وبالتالي فرفع الأسعار وفرض الرسوم الإضافية شأن داخلي له عوامله التجارية، ولكن هذه الفرضية تقتضي أن المجال الجوي مفتوح على مصراعيه لكل الخطوط وهذا تماما عكس الواقع، فالواقع يقول إنك لا تستطيع أن تذهب من الرياض إلى أي مدينة سعودية إلا عبر الخطوط السعودية بشكل رئيس –باستثناء بعض المدن التي سمح لخطوط ناس وسما بخدمتها. وهذا، بالإضافة إلى دعمها ماليا من الحكومة، وأسعار الوقود المخفضة، مما يستوجب أن تعامل وكأنها منشأة عامة، فهي مملوكة للدولة، وهي محتكرة للخدمة بشكل رئيس، فيجب أن تخضع لما يخضع له غيرها من المنشآت العامة وأبسطها أن تفرض رسومها وتعدل بموجب نظام يصدر من جهات أعلى لا بموجب قرار من إدارتها الرئيسة.
علاوة على هذا، فإن تهيئة الخطوط لخوض غمار المنافسة العالمية يستوجب تأهيلا متميزا للأسطول الجوي. ولكن بعض الطائرات التي تخدم في الأسطول الجوي للخطوط لسعودية بالكاد يصدق عليها مسمى طائرات مع أنه من البدهيات لأية منشأة تعمل بإنفاق حكومي كامل، أن تبادر لإعداد قاعدة متينة من أحدث وأروع الطائرات تؤهلها لخوض غمار معركة التنافسية بشكل لا يجارى. خذوا مثلا طائرات أم دي 90، التي تخدم من الرياض إلى كثير من المدن كالإسكندرية والمدينة المنورة. ولعدم وجود منافسة حقيقية، لا يجد المسافر إلا الخطوط السعودية ليحجز عليها، ولكن ما إن يقبل عليها إلا ويعرف كم هي ورطة أن تسافر على مثل هذه الطائرات. ولن يغير من الوضع شيئا لو حجزت على ما يسمى مجازا "الدرجة الأولى" فتلك دعابة ممجوجة مبتكرة من رحم الخطوط السعودية لأنك في حقيقة الأمر ستنصدم بواقع معاكس تماما لمسمى الدرجة الأولى، بل هو تشويه لمسمى الدرجة الأولى، فهي مقاعد تعتبر في بعض الخطوط الأخرى مقاعد الفئة المتوسطة –درجة رجال الأعمال. والمستهلك هو الضحية، لا أستمتع بخدمات الخطوط الأخرى ولا تمكنت خطوطنا من تقديم خدمة تتناسب مع ما هو متوقع منها.
والهدف المهم في الخصخصة وهو خفض النفقات الحكومية لا يبدو أنه مفعل. في ميزانية العام قبل الماضي كانت إيرادات ومصروفات الخطوط السعودية 15 ملياراً وفي العام الماضي 17 ملياراً. وفي هذه السنة 19 ملياراً (من عام 2003 إلى 2005 الأرقام هي: 11 مليارا، 12 مليارا، 13 مليارا) بنسبة زيادة تبلغ 15% سنويا. تزايد مستمر ضبابي لا أحد يعرف هل هو بسبب ارتفاع الإيرادات أو التكاليف، والعتب على وزارة المالية لإعداد نص يلفه الغموض. كما أن اعتماداتها وفقا لتقرير وزارة المالية في عام 2006 بلغت 15% أعلى من الاعتمادات المخصصة للمؤسسات العامة متقدمة على جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك خالد ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
ركبت الخطوط السعودية مرات كثيرة وسأركبها مرات أكثر، ولأجل هذا فهذه التساؤلات قائمة حول مشروع الخصخصة الضبابي والإنفاق الحكومي المستمر في التزايد على عكس مفهوم الخصخصة، وحول علاقتها مع المستهلك وضرورة أن تكون مبنية على أطر نظامية منضبطة، وأن تنافس وبشراسة بقية الخطوط الأجنبية بكل ثقة حتى يحجز عليها باقتناع لا فقط لأنه لا يوجد إلا هي. ظني أن الحل الفعال هو فتح الأبواب للخطوط الأجنبية بدون قيود حتى "يكرم المرء أو يهان" وإلا ستستمر المحاولات تلو المحاولات بحثا عن محطة تهبط فيها رحلة طائرة بدأت منذ سنوات ولا أحد يدري متى تنتهي لا سيما أن خزان الوقود – بفضل المولى - ممتلئ جدا.