المجموعات الإجتماعية |
البحث |
مشاركات اليوم |
مشاركة [ 1 ] | ||||
|
||||
|
أشهر مدن صقلية الخلابة سيراكوزا الإيطالية من المدن التاريخية والأوروبية الجنوبية الخاصة، إذ إنها بشكل أو بآخر معاكسة لكورفو في اليونان، التي يطغى عليها الطابع الإيطالي عمرانيا وحضاريا. سيراكوزا (Siracusa) على العكس من ذلك، فهي تختصر ما تبقى من معالم الإغريق القديمة في إيطاليا وربما في العالم، وهي معالم مهمة لا تزال تشهد على تاريخ حافل من الاستيطان اليوناني والحروب والعمران، بسبب موقعها الجغرافي المهم في جنوب البلاد. ولهذا السبب أيضا وصفها المفكر المحنك والفيلسوف الروماني المعروف شيشرو بأنها أعظم وأجمل المدن اليونانية قاطبة، وأحاطتها منظمة اليونسكو بعناية خاصة، وسجلت على لائحة المواقع التاريخية التي يجب الحفاظ عليها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من التراث البشري عامة. وقد أطلق أهل اليونان القديم على المدينة التاريخية في جنوب شرق جزيرة صقلية اسمها المعروف باليونانية «سيراكوزا». وتنقسم المدينة بين البر الرئيسي للجزيرة ورأس جزيرة أورتيغيا الصغيرة. ولا تزال منذ قديم الزمان عاصمة المقاطعة التي تحمل اسمها، وكانت أحيانا وفي فترات تاريخية عدة عاصمة الجزيرة ككل، لأهميتها العسكرية والبحرية والسياسية والمدنية، وهي قريبة بالطبع إلى جزيرة سردينيا إلى الغرب، وإلى الكثير من المناطق اليونانية من الشرق عبر البحر الأيوني، ككلاماتا وباترا وميسينيا وغيرها. كما يمكن من «سيراكوزا» الوصول أيضا إلى مالطا جنوبا، وأكثر من ذلك إلى طرابلس الغرب وليبيا، وإلى صفاقس والمنستير والمهدية ونابل في تونس. ويبدو أن المدينة المتواضعة حاليا، والتي لا يتعدى عدد سكانها المائة والخمسين ألف نسمة، كانت من أهم المدن التي لعبت دورا كبيرا في حروب السيطرة على المتوسط والتجارة العالمية قديما ومنذ أكثر من 2700 عام. كان استيطان المدينة من قبل اليونانيين أو الإغريق عام 734 قبل الميلاد، وكان المستوطنون من منطقة كورينثوس (Corinth) أو ما كان يعرف بالكورانثيون قديما، ومن منطقة تينيا وبقيادة أرشياس الذي سماها «سيراكو»، وقد أحبها هذا القائد الإغريقي لخصوبة أرضها وتسامح أهلها آنذاك. ومع الوقت، كبرت المدينة وعظمت، وبدأت تعتبر من المدن المهمة في المتوسط، فازدهر عمرانها وثقافتها وفنونها وأحوالها الاقتصادية بشكل عام. وكانت المدينة أيضا جزءا من حروب الإغريق فيما بينهم في البيلوبونيس - بين أثينا وإسبرطة - والحروب التي كانت تدور مع قرطاجة أيضا في الجنوب، وكانت هذه الأخيرة تسيطر على الجزء الغربي من صقلية. وقد تم بناء معبد أثينا في المدينة تخليدا للانتصار في إحدى المعارك على القرطاجيين. كما لعب أهل الجزيرة أيضا دورا كبيرا في مساعدة سيروس الإغريقي في الانتصار على الفرس وطردهم من اليونان، عبر تنظيم ميلشيا خاصة أو مرتزقة تحارب إلى جانب الإغريق. وأيام ديونيسيوس، وبعد دحر القرطاجيين مرة أخرى، يقال إن افلاطون زار المدينة مرات عدة لمشاهدة فنونها وعمرانها. وبعد أن نقل أهل «سيراكوزا» القديمة الحرب إلى أفريقيا نفسها لمحاربة القرطاجيين والحد من سلطانهم، تمكن أهل المدينة بعد التوصل إلى معاهدة سلام تتعهد قرطاجة فيها بعدم التدخل في «سيراكوزا»، من العيش فترة طويلة من الرخاء والسلام أيام هيرو الثاني دامت خمسين سنة. وخلال هذه الفترة، عاش العالم والفيلسوف الإغريقي أرشميدس في المدينة. وتمكن أرشميدس خلال وجوده من تحقيق الكثير من الاختراعات العسكرية، مثل مخلب أرشميدس المعروف، الذي استخدم لمقاومة الهجوم البحري الروماني آنذاك. وبعدها تعرضت المدينة لحصار طويل من قبل الرومان دام ثلاث سنوات، قبل أن تسقط بسبب الخيانة عام 212 قبل الميلاد، وقد قتل أرشميدس خلال العملية. وبعد السيطرة الرومانية واحتلالها مكانة كبيرة في الجزيرة إداريا وسياسيا، انتهت المدينة تحت السيطرة البيزنطية، وكانت مقر الإمبراطور قسطنطينوس الثاني. وتقول الموسوعة الحرة في هذا الإطار إن المدينة بعد سيطرة المسلمين على صقلية بدأت تأخذ الطابع الإسلامي وخصوصا جزيرة أورتيغيا، وقد عاش فيها الكثير من الشعراء المعروفين في التراث العربي. وعوضا عن الحروب الطويلة وفترات الازدهار والفنون والعلوم والآداب والسياسة والعسكر، تعرضت المدينة كالكثير من مدن المتوسط وجزرها لهزات أرضية كبيرة عدة خلال تاريخها الحافل، قضت على جزء كبير من معالمها التاريخية القديمة، خصوصا في القرن السادس عشر، والقرن السابع عشر، والقرن الثامن عشر. ولهذا أعيد بناء جزء كبير من المدينة بعد القرن الثامن عشر على الطراز الجنوبي الإيطالي الخاص بجزيرة صقلية، والمعروف بالطراز الباروكي الصقلي، كما تعرضت قديما للأوبئة والأمراض والطاعون والكوليرا منتصف القرن التاسع عشر. كما تعرضت المدينة للتمردات السياسية والاضطرابات والعقاب السياسي والثورات، كما هو الحال في منتصف القرن التاسع عشر. وخلال القرن العشرين، قصفها الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية بالطيران ودمروا جزءا منها. ولذا، ما تبقى من المدينة الحالية هو مزيج مما صمد من الهزات والثورات والحروب وما جاء به القرن العشرون من الفوضى العمرانية والصناعية. وتحاول الحكومة المحلية بالتعاون مع الحكومة الإيطالية إعادة إحياء المواقع المهمة في المدينة حاليا، عبر مشاريع بنى تحتية وسياحية طموحة، تهدف إلى تحديثها والحفاظ على الهوية لاستقطاب أكبر عدد من سياح جزيرة صقلية الأم، التي تعتبر من أكثر المناطق جذبا للسياح في إيطاليا والعالم، وبالتالي تحسين أوضاعها الاقتصادية والتنافس مع المواقع السياحية الأخرى عبر السواحل المتوسطية التي لا تحصى ولا تعد على الجانب الأوروبي. ومن معالم «سيراكوزا» المهمة، معبد زيوس الأولمبي، الذي لا يبعد كثيرا عن وسط «سيراكوزا» ويعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد. وبالإضافة إلى الكاتدرائية الرئيسية وساحتها المعروفة والتاريخية، هناك أيضا قلعة ميناشي، التي تم بناؤها في القرن الثالث عشر، والتي تعتبر مثالا على الهندسة العسكرية لتلك الفترة، وأيام فريدريك الثاني. وتشتهر القلعة ببوابتها المميزة كالكثير من القلاع والقصور القديمة في المنطقة. والكثير من القصور كقصر بينيفينتانول دل بوسكو أيضا يعود إلى القرون الوسطى، على الرغم من أنه أعيد بناؤه وترميمه مرات عدة في القرن الثامن عشر. ويتمتع هذا القصر بساحة جميلة وشهيرة. وكذلك قصر لانسا بوكيري الذي يعود إلى القرن السادس عشر، وقصور فرانشيكا نافا وميلياتشيو و فيرميكسيو، وقصر المطران ومجلس الشيوخ. ومن الكنائس، إضافة إلى الكاتدرائية الرئيسية، كنيسة سانتا لوتشيا، ومن المعابد القديمة المهمة معبد أبولو، الذي تقول الموسوعة الحرة إنه تحول إلى كنيسة لاحقا أيام البيزنطيين، ثم إلى جامع أيام الحكم العربي. ومعبد زيوس الأولمبي الذي يعود الى القرن السادس قبل الميلاد. وفضلا عن نبع أريتوزا، الذي تدور حوله خرافات تاريخية كثيرة، هناك مدرج روماني قديم، وهناك مسرح إغريقي لا يزال بحالة جيدة. ويعتبر هذا المدرج من أكبر المدرجات التي بناها الإغريق على الإطلاق للاحتفالات والمهرجانات وألعاب السيرك، إذ يضم ثمانية ممرات، ولا يزال يستخدم حتى هذه الايام في إقامة الحفلات والمهرجانات المختلفة. ومهما كان الموقع، فإن هذه المدينة الغنية بالتاريخ والعمران والطبيعة الخلابة في جنوب إيطاليا المشهورة بمآكلها الطيبة، من المدن التي تستحق الاهتمام والزيارة. |
|||
مشاركة [ 2 ] | ||||
|
||||
|
شكرا لك أخي الكريم على الطرح معلومات كثيرة ووافيه عن هذه المدينة الايطالية العريقة |
|||