[الجهني]

بسم الله الرحمن الرحيم .

خالد الملحم قصة نجاح لم تنته

الخطوط السعودية .. تكسب من تقييم علامتها التجارية كأعلى سعر لشركة طيران عربية


الأمير سلطان يرعى إحدى مناسبات الخطوط السعودية, ويبدو فهد بن عبدالله بن محمد مساعد وزير الدفاع والطيران لشؤون الطيران المدني وم. خالد الملحم.
سعود التويم من جدة
قراءة مشوار المهندس خالد الملحم مع الخطوط السعودية خلال الفترة الماضية تحتاج إلى دراسة متعمقة تتبع خطوات سير العمل والعثرات التي واجهها خلال الفترة الماضية، وقصة نجاح التخصيص والتطوير التقني والإداري الكبيرة التي تمت في هدوء.
جاء المهندس خالد الملحم إلى الخطوط السعودية وكل السعوديين معجبين بقصة النجاح التي تحققت على يده في تخصيص الاتصالات السعودية وقبلها قصص نجاح متتابعة لم تأخذ مثل شهرة "الاتصالات" منها "المراعي" وغيرها من النجاحات الكثيرة، لكن الكثير من المراقبين والمعجبين بتاريخ الملحم كانوا يشفقون عليه من صعوبة "إنقاذ البقرة السمينة"!!
الملحم يفوز بجائزة أفضل رئيس تنفيذي في قطاع الطيران لعام 2008م.
فبين تجربة المهندس خالد الملحم في تخصيص شركة الاتصالات والخطوط السعودية تتوسع الفروقات بين الشركتين ففي الأولى تم وضع خطة زمنية محددة وسط توافر المبالغ المالية، فيما تنوء الخطوط بإجراءات معقدة إداريا وإفلاس مالي ومطلب شعبي وإعلامي بالسير جريا مهما كانت العثرات.
واجه الملحم تحديات الأمور المالية والعملاء والإنتاج ومشكلات الموظفين والموارد المحدودة وإدارة الموارد والتشغيل الذي يشكل عصب المؤسسة بخطة إنقاذ ثلاثية حددها "بصمت" وتتركز حول (تطبيق برامج التخصيص وتحديث أسطول السعودية وبطريقة ذهبية التخلص من الموظفين المترهلين). وحدد استراتيجية التطوير بالاعتماد على التخطيط العلمي المسبق وتحديد التوجه المستقبلي للمؤسسة واعتماد التقنية كوسيلة حاسمة في إحداث النقلة النوعية في مستوى الأداء إلى جانب تطبيق منظومة شاملة لتطوير الخدمات والمضي قدماً في مشروع الخصخصة مع التركيز على إعداد وتأهيل الكوادر البشرية إلى جانب إعطاء الأولوية القصوى لبرامج تحديث الأسطول لمواكبة المتطلبات التشغيلية على المدى القريب والمتوسط.
انطلق الملحم بثقة كبيرة في المحور الأول (التخصيص) وقطع في البرنامج عامين وكان أشبه بمن يحفر في الصخر ولم ييأس حيث رغبة القيادة موجودة والخبرة في التعامل مع البيوت الاستشارية عامل مساعد له ليتم تحقيق إنجاز كبير بعد أن تخلص من أربعة قطاعات كبيرة (التموين، الشحن، الصيانة، الخدمات الأرضية).
صنع الملحم القرار للمستثمر بفكر المستثمر وحافظ على ممتلكات الدولة بثقة مسؤولي الدولة إذ باع ثلث حصص الشركات بمبالغ كبيرة فقد قيمت واحدة من الشركات التي خصصت بأكثر من 20 مليار ريال وليحول إرث "البقرة السمينة" وعجز حركتها إلى علامة تجارية تضاهي في تقييمها أعلى الشركات المساندة في خدمات الطيران في العالم . قبل أن يصل إلى القيمة السوقية للشركة (القابضة) من العقارات المنتشرة وبمساحات كبيرة في الداخل وأسطول الطائرات في الخارج.
وفي المحور الثاني تمكن الملحم ولأول مرة في تاريخ المؤسسة وبتمويل ذاتي من شراء 70 طائرة جديدة لأسطول السعودية ونهض بالطائرات القديمة ومقاعدها وقاتل على الخطوط الإلزامية والاقتصادية بطريقة تجارية ووطنية.
وفي المحور الثالث نجح الملحم بذكاء شديد في التخلص من بعض الموظفين بطريقة ذهبية إذ تمكن من شراء خدمات أكثر من أربعة آلاف موظف انتهت صلاحيتهم، حيث نجح في توفير مبالغ طائلة تتجاوز المليار ريال سنويا واستعان بشباب تكاليفهم أقل بكثير من تكاليف كل من خرج. ترك الملحم للمجالس مضخ الحديث وبرع السعوديون في تمهيد الفشل أمام خطة التخصيص ليسير وينجح في هدوء.
نجح الملحم مع المستثمرين في برنامج التخصيص بعد أن جهز قطاعات المؤسسة إلى المستثمرين بفكر المستثمر. ونجح في صفقة الطائرات لأنه طبق إحساس ومصالح المواطن وهذا مخزون اكتسبه من تجربته الإدارية فلم تثنه التحديات التي فرضتها طبيعة الظروف المؤسسة على الملحم في أزمة الطائرات وسط مقارنة السعوديين بنجاح شركات الطيران المجاورة بل تقبلها كدافع رئيس لإثبات التحدي مرة أخرى فهو فارس الرهان.
وليقدم الخطوط في مواجهة المنافسة في العام الماضي، حيث تمكن من تحقيق معدلات تشغيلية قياسية بعد نقل 17.700 مليون مسافراً على متن 640.139 رحلة داخلية ودولية، وبمعدل انضباط في مواعيد الرحلات تجاوز 88 في المائة.
يقول الملحم في إحدى الملتقيات "إدارة الأزمات هي جزئية مهمة يجب أن يتهيأ لها الشخص قبل وقوعها بأسلوب علمي، واستخدام أدوات الشركة والموظفين والمستشارين وأنظمة المعلومات في اتخاذ القرارات المهمة".
وللتخلص من الموظفين المترهلين مشروع كبير في فكر الملحم، فالرجل بحق مدرك أن ثمة موظفين ليس لديهم مقدرة على التكيف مع التطوير الجديد ولا بد من جذب وتوظيف مرشحين آخرين قادرين على التكيف مع أجواء العمل بروح العصر.
وفي مشوار العمل الإداري منح الملحم مساعديه جميع الصلاحيات مما عكس الشخصية القيادية القادرة على إحداث التغيير المأمول للمصلحة العامة بهدوء وشجاعة وقبول من الطرف الآخر دون تسرع فالشجاعة في العمل لا تحتاج إلى أسلوب ديكتاتوري يكشف الشخصية التخويفية للموظفين ويفرض هيبة أسلوبه في العمل. بل تحتاج إلى رجل قادر على التنازل عن وهج وأضواء المنصب وشجاع في منح الثقة لمساعديه.
كشف الملحم في أحد لقاءات القيادات الإدارية التي استضافته عن جزء من سياسته حينما قال "إن بناء الثقة في الموظفين أو تحويلهم من قطاع حكومي إلى خاص كان صعبا نوعا ما من خلال تكليفهم بالعمل الجديد وتغير النظام ودائما ما تكون الصعاب سهلة التجاوز عندما توضع لها خطة محددة ويسير الشخص على مراحل لتنفيذها".
وفي برنامج التشغيل الذي يشكل عصب المؤسسة في حالة تأخر طائرة عن الإقلاع أو تغيير طائرة تستعر حالة الغضب الشعبي والإعلامي، دون تمعن في قراءة حجم المتخلفين عن السفر إذ تخلف العام الماضي أكثر من 2.306 مليون راكب في الخطوط الداخلية وخسرت السعودية مليار و798 مليون ريال.
نجح الملحم في إضافة مبالغ طائلة لخزانة الدولة في برنامج التخصيص ونجح في التخلص من التذاكر الورقية ليوفر أكثر من نصف مليار ريال سنويا، وإضافة إلى ذلك أسس بنية إلكترونية وفرت أيضا مبلغ طائلة كانت تهدر سنويا.
يكشف عبد الله الجهر مساعد المدير العام بمقارنةً بسيطة بين الخطوط السعودية وعدد من شركات الطيران الأمريكية في مجال انضباط مواعيد الرحلات حيث بلغت نسبة انضباط مواعيد الرحلات لشركة يو إس إير 72.50 في المائة ويوناتيد 75.34 في المائة وكونتنينتال 77.92 في المائة وكذلك شركة دلتا 81.41 في المائة، بينما بلغت نسبة انضباط رحلات "السعودية" 88.29 في المائة، لقد جاء إجماع لجنة تحكيم جوائز مجلة CEO في شركة ITP للنشر اعترافاً وتقديراً لجهدٍ المهندس خالد بن عبد الله الملحم لجائزة أفضل رئيس تنفيذي لقطاع الطيران خلال عام 2008.