[Emarati]

تحتلّ دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة 24 عالمياً والاولى عربياً في استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات لتعزيز القدرة التنافسية والتنمية، وفقا لـ "التقرير العالمي حول تكنولوجيا المعلومات 2010-2011، التحولات 2.0" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وهناك دول عربية أخرى تحتل مراتب بارزة في التقرير، وهي قطر (25)، البحرين (30)، المملكة العربية السعودية (33)، سلطنة عمان (41).

لا تزال السويد وسنغافورة تحتلان قمة التصنيف في " التقرير العالمي حول تكنولوجيا المعلومات 2010-2011، التحولات 2.0" الذي أصدره اليوم المنتدى الاقتصادي العالمي، الأمر الذي يؤكد ريادة اقتصادات بلدان الشمال والنمور الآسيوية في اعتماد جديد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطبيقه من أجل تعزيز النمو والتنمية. وقد قفزت فنلندا إلى المرتبة الثالثة، فيما بقيت سويسرا والولايات المتحدة الاميركية في المرتبتين الرابعة والخامسة على التوالي. وتركّز النسخة العاشرة من التقرير على قدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تحويل المجتمعات في العقد المقبل من خلال العصرنة والابتكار.

تتصدر دول الشمال الاوروبي مجال الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. فتحل الدنمارك في المرتبة السابعة والنروج في التاسعة، مما يعني أن بلدان المنطقة كلها هي بين العشرة الأوائل باستثناء ايسلندا التي تحتل المرتبة الـ 16. ومع حلول سنغافورة في المرتبة الثانية عالمياً، تواصل اقتصادات النمورالآسيوية التقدم، مع تقدم كل من تايوان وكوريا الجنوبية خمس مراتب لتحتلا المرتبتين السادسة والعاشرة على التوالي، مع حلول هونغ كونغ في المرتبة الثانية عشرة.

يبقى التقرير، الذي غطى للمرة الأولى 138 دولة، التقييم الدولي الأكثر شمولا وموثوقية في العالم لتأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على عملية التنمية والقدرة التنافسية للدول. ويدرس مؤشر الجهوزية الشبكية المدرج في مدى استعداد الدول لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بفاعلية على ثلاثة محاور: البيئة العامة التنظيمية والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، جهوزية لاعبي المجتمع الثلاثة الأساسيين – الأفراد والشركات والحكومات – لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاستفادة منها، والاستخدام الفعلي لهؤلاء لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات المتوافرة.

فيما حققت الإمارات العربية المتحدة نتيجة جيدة نسبياً في ما يخص فئتي البيئة والاستخدام (المرتبتان الـ 25 والـ 30 على التوالي)، فإن أداءها الأفضل كان في الجهوزية حيث حلّت سادسة من بين 138 دولة شملها التصنيف. بل إن الإمارات حققت نتائج أعلى في عدد من الفئات الفرعية. فقد تبيّن أن مستوى اعتماد التكنولوجيا في الشركات الخاصة هو الخامس عالمياً، ومستوى امتلاك الحكومة للمنتجات المتقدمة تكنولوجياً هو الثالث، في حين أن نصيب الفرد من اشتراكات الهاتف المحمول هو الأول.

تحت عنوان "التحولات 2.0"، تستكشف النسخة العاشرة من التقرير التحولات المقبلة التي تدفعها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، مع التركيز على الأثر الذي ستتركه على الأفراد والشركات والحكومات على مدى السنوات القليلة المقبلة. ويذكر أنه منذ وضع التقرير الاول، ازداد حجم المعلومات التي يولّدها المجتمع الرقمي القائم بمعدل مذهل.

يقول المدير المسؤول عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنتدى الاقتصادي العالمي ألن ماركوس: "أثبت الابتكار وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أنهما رافعة حيوية للنمو على المدى الطويل، مع عدد لا يحصى من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية والقدرة على تحسين حياة الناس في جميع أنحاء العالم بشكل كبير. والبلدان التي تدمج التكنولوجيات الجديدة وتستفيد من ثورة المعلومات الجديدة في تحقيق التنمية ووضع استراتيجيات النمو إنما ترسي أسس اقتصادات تنافسية مرنة للمستقبل".

أما كريم صبّاغ شريك أول ورئيس قطاع الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا العالمي في بوز أند كومباني فيقول: "فيما الاقتصادات الرقمية تصبح على نحو مطّرد هي القاعدة، بات هدفنا في شركة بوز أند كومباني مواصلة استكشاف الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن أن تحققها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكيف تصبح مترابطة على نحو متزايد". وتساهم بوز أند كومباني في التقرير العالمي حول تكنولوجيا المعلومات في دراسة الطرق التي تمكن تكنولوجيا النطاق العريض "برودباند" تفعيل المجتمعات الرقمية، والسماح للقادة في قطاعات الحكومة والصحة والنقل وسواها بالاستفادة من إمكانات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

صار من الواضح على الصعيد العالمي، أن تكنولوجيا البرودباند المتوافرة بأسعار مقبولة أساسية في دفع القدرة التنافسية الوطنية وإتاحة التقدم في المجالات الرئيسية ذات الأولوية بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والطاقة والبيئة والمشاركة المدنية. وتنفق الحكومات في جميع أنحاء العالم المليارات وتضع أهدافا طموحة كونَها تدرك أن الأساس الحيوي للكثير من مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية هي الطرق الرقمية السريعة التي يتم تعريفها على أنها شبكات برودباند وطنية عالية السرعة تقوم على مزيج من الشبكات الثابتة والخلوية. وكما أن الطرق السريعة الحقيقية تربط بين الناس وتعزز النشاط الاجتماعي والتجاري، يمكن للطرق الرقمية السريعة أن تسهّل خلق مجتمعات رقمية في مجالات حيوية. ويؤدي تعاون صانعي القرار وشركات الاتصالات مع قادة قطاعات أخرى كالصحة والتعليم، إلى تمهيد الأرضية لإجراء تحسينات عميقة مثل تعزيز التنافسية الوطنية، الابتكار، الإنتاجية الاقتصادية، والإدماج الاجتماعي.

غير أن التعجيل في نشر الطرق الرقمية السريعة وجني الفوائد الكاملة منها ليسا بالمهمة البسيطة، بل يتطلب ذلك تغييرات أساسية في الرؤية والعمل على امتداد مشهد البرودباند. وعلى صانعي القرار ومشغّلي الشبكات أن ينظروا أولا إلى ما هو ابعد من مجرد شبكات البرودباند وتسهيل تطوير مجموعة كاملة من الخدمات والتطبيقات المتصلة بها، ومن ثم تشجيع المواطنين على استخدامها. وهناك أيضاً حاجة كبيرة إلى التعاون بين جهات أخرى من القطاع مثل صانعي الأجهزة ومطوري البرامج والتطبيقات، ونظرائهم في القطاعات المجاورة. اخيرا ، يجب على المعنيين بمجال البرودباند العمل مع نظرائهم في القطاعات المجاورة، مثل الصحة والطاقة والتعليم والنقل، لبناء التطبيقات التي سوف تساعد هذه القطاعات في جني الفوائد من البرودباند. فقط عندما تكون كل هذه الجهات ملتزمة تماما تستطيع الطرق الرقمية السريعة أن تحقق إمكاناتها الكاملة وتيسير تحقيق الكفاءة والقدرة التنافسية، والازدهار في المجتمعات التي تخدمها.

حالة الطرق الرقمية

يقول صبّاغ: " على الرغم من تأثير الطرق السريعة الرقمية اقتصاديا واجتماعيا وأهميتها كأساس للمجتمعات الرقمية، فإن أكثر من 83 في المئة من سكان العالم يفتقرون إلى الاتصال بشبكة برودباند. أما البرودباند العالية السرعة فمتوافرة لـ 6.2 في المئة فقط من سكان العالم". وعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الحكومات والقطاع الخاص، لا تزال الفجوة الرقمية في مجال البرودباند تشكل تحديا كبيرا في وجه التنمية الشاملة والمستدامة، ولا سيما في الاقتصادات الناشئة. غير أن الأرقام السلبية لا تعكس التقدم الذي حققته بلدان معينة في السنوات الأخيرة. فصانعو القرار ومشغلو الشبكات يقومون بخطوات كبيرة للتعجيل في توافر شبكات البرودباند على المستوى الوطني.

صانعو القرار – يدرس صانعو القرار سواء في الأسواق المتقدمة والنامية، جعل إنشاء الطرق الرقمية السريعة ضرورة وطنية ويعملون على إقرار السياسات والأنظمة لضمان اعتمادها على وجه السرعة. ويشار إلى أن قطر تأخذ زمام المبادرة في الشرق الأوسط في هذا المجال، مع اعلان الحكومة القطرية أخيراً عن إنشاء شركة لشبكة وطنية للبرودباند (هي الشركة القطرية لشبكة النطاق العريض Q.NBN) للتعجيل في نشر ألياف البرودباند على مستوى البلاد لتكون متوافرة في المنازل.

مشغّلو الشبكات – يُعتبر مشغّلو الشبكات إلى جانب صناع القرار الجهة المعنية الاساسية في هذا القطاع ، ويضطلعون على نحو متزايد بدور نشط في تطوير الطرق الرقمية السريعة من خلال تبني نماذج العمل الجديدة التي تفصل أصول شبكاتهم عن الخدمات. ذلك أن نماذج العمل ذات المسارات المتعددة تسمح للمشغّلين بخفض تركيزهم واستثماراتهم واعتمادهم على مصادر الدخل التقليدية، للتمكن في المقابل من تعزيز شبكات الجيل المقبل والتطبيقات والخدمات المتصلة بها. ويعمل صانعو القرار ومشغّلو الشبكات غالباً معاً لاجتراح حلول تفيد الطرفين. ومن الأمثلة على نموذج العمل الذي يرتكز على المشغّل، الخطط التي تضعها شركة "اتصالات" حالياً لمد شبكة الألياف إلى المنازل على مستوى الإمارات، و الإطار الذي تضعه الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الامارات لتقاسم البنية التحتية .

بناء المجتمعات حول الطرق الرقمية السريعة

مع نشر مزيد من شبكات البرودباند الوطنية في مختلف أنحاء العالم، يدرك العاملون في قطاع البرودباند أن القيمة الحقيقية للطرق الرقمية السريعة لا تمكن في مجرد إنشائها. وإذا أعتبرنا أن البرودباند تمثل طريقا رقميا سريعا، فإن التطبيقات التي تتيح ابتكارها هي المجتمعات التي تنشأ في جوارها، وهي في الواقع اساسية في تحقيق الحد الأقصى من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن البرودباند. وهنا يقول صبّاغ: "يعمل صانعو القرار والشركات وصانعو الأجهزة ومطوّرو التطبيقات على إطلاق الإمكانات الحقيقية للطرق الرقمية السريعة، من خلال تسهيل ابتكار تطبيقات توفر أفضل الخدمات وتعزز التنافسية الوطنية".

لكل عامل في مجال البرودباند دور واضح في بناء المجتمعات حول الطرق الرقمية السريعة. وعلى صانعي القرار اعتماد نهج شامل يشجّع على تطوير التطبيقات واستخدامها. أما الشركات المشغّلة فعليها أن تركّز على الفرص التي تتولّد من هذا التغير و بناء على ذلك على تبحث مصادر جديدة للدخل. وأما صانعو الأجهزة ومطوّرو التطبيقات فعليهم التعاون مع بعضهم ومع الشركات المشغِّلة في وضع العروض التي تتناسب مع إحتياجات المستخدمين.

صانعو القرار: اعتماد منظور شامل

يقول بهجت الدرويش الشريك في بوز أند كومباني: "يتوقف الاعتماد الواسع لتطبيقات البرودباند على ما اذا كان صانعو القرار المعنيون بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات قادرين على التمتع برؤية شمولية وتعاونية لمجال البرودباند ككل". وهناك في هذا السياق ثلاث خطوات ضرورية على صانعي القرار المعنيين بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات القيام بها. أولاً، عليهم أن يتعاونوا مع صانعي القرار في قطاعات قريبة كالرعاية الصحية والتعليم والطاقة والنقل، بغية وضع سياسات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات خاصة بكل قطاع. ثانياً، على صانعي القرار تحفيز تطوير الأعمال والتطبيقات الاستهلاكية المتعلقة بالطرق الرقمية السريعة، على غرار السَحابة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية، بما في ذلك الاستثمار في مبادرات ضرورية لتعزيز استخدام هذه التطبيقات. واخيراً، على صانعي القرار المعنيين بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات عدم الاكتفاء برصد توافر خدمات البرودباند واعتمادها، بل إنشاء الأدوات الضرورية لوضع تقييم شامل للأثر الاجتماعي والسياسي للبرودباند.

الشركات المشغلة: بناء قدرات جديدة لاغتنام فرص جديدة

يقول الدرويش: "ستواصل فرص حصول شركات الاتصالات في كل أنحاء العالم خلال السنوات الخمس المقبلة، التحوّل من تلك التي قامت على أساس الشبكات التقليدية (خدمات صوتية خصوصاً) إلى فرص تقوم على خدمات تنشئها الطرق الرقمية السريعة، سواء الاتصال بالبرودباند العالية السرعة أو الحوسبة السَحابية أو البرمجيات باعتبارها خدمات أو مشاريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجالات صناعية وخدمتية محدّدة. وقد تشكّل خدمات كهذه فرصة قيمتها 759 مليار دولار لشركات الاتصالات عام 2015". وعلى الشركات التي كانت بطيئة في الاستثمار في البرودباند على امل أن تحصل على العائدات الكاملة لاستثماراتها في الخدمات التقليدية، أن تتكيّف مع هذا التحوّل لكي تدرك الفرص التي تقدّمها الطرق الرقمية السريعة. والواقع أن شركات الاتصالات في مختلف أنحاء العالم بدأت تغيّر استراتيجياتها بناء على ذلك، وقد أقام العديد منها شراكات مع مطوّري تطبيقات وجهات أخرى معنية بالبرودباند. وفي الشرق الأوسط تبدو الفرصة في هذا المجال كبيرة: يقدّم تحرير الاقتصاد، والإصلاح الحكومي، وازدياد الإلمام بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أماكن العمل والمجتمع عموماً، والإنفاق العام الكبير على البنية التحتية الوطنية ومشاريع التنمية فرصاً جديدة لشركات الاتصالات في الفضاء الرقمي تتجاوز مجرّد توفير الاتصال بالبرودباند العالية السرعة.

إلا أن تقديم هذه الحلول وخدمة هذه الاسواق يتطلبان أن تتمتع شركات الاتصالات بمجموعة من القدرات تختلف عن تلك المطلوبة لتقديم الخدمات التقليدية. لذا على شركات الاتصالات أولاً وقبل اي شيء آخر أن تطوّر قدرتها في إشراك وتحفيز مجتمع مطوري البرامج والتطبيقات . وعليها ثانياً أن تقيم شراكات موصِلة إلى السوق تتيح الوصول إلى مهارات متخصصة. وأخيراً، عليها أن تبتعد عن مجالات تركيزها التقليدية المتعلقة بنشر الشبكات والتركيز في المقابل على الخدمات والتطبيقات.

لطالما شغّلت شركات الاتصالات شبكات مغلقة ولم تسمح بتطبيقات جديدة إلا بعد اختبارات مكثّفة.من هنا، يتطلّب الانتقال إلى نهج يتيح اعتماد خدمات جديدة بسرعة أن تعزز هذه الشركات منصاتها الخاصة بتقديم وتطوير الخدمات. وبالإضافة إلى ذلك، على شركات الاتصالات إنشاء منصات مفتوحة تسمح لمطوري البرامج والتطبيقات المستقلين بأن يطوّروا بشكل مربح تطبيقات لمصلحة لشركات الاتصالات.

صانعو الأجهزة ومطوّرو التطبيقات: تعاون يجذب المستخدمين

على صانعي الأجهزة ومطوّري التطبيقات أن يحذوا حذو شركات الاتصالات ويتعاونوا مع لاعبين آخرين في هذا المجال للاستفادة من الفرص التي تتيحها الطرق الرقمية السريعة. وفي ضوء ازدياد طلب المستهلكين ومزوّدي التطبيقات على خدمات البيانات، يتجاوب الصانعون بابتكار أجهزة الهاتف الذكية التي يمكن أن تستفيد من الطرق الرقمية السريعة الآتية. ويستطيع صانعو الأجهزة من حيث المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية أن يعقدوا شراكات مع لاعبين من القطاعين العام والخاص لتعزيز اعتماد تطبيقات في قطاعات رئيسية و قطاعات غير مطروقة بشكل كافٍ. كذلك، يستطيع صانعو الأجهزة أن يضطلعوا بدور مركزيّ في رعاية مجتمعات مطوري البرامج، الأمر الذي يمكنه أن يعزّز تطوير تطبيقات جديدة للبرودباند واعتمادها. ولكن للقيام بذلك، عليهم أن يتعاونوا مع شركات الاتصالات، ومزوّدي أنظمة التشغيل، ومطوّري التطبيقات لإتاحة إنشاء المنصّات المفتوحة وإطلاق عروض جديدة في السوق.


المصدر