المجموعات الإجتماعية |
البحث |
مشاركات اليوم |
الملتقى الإســلامـي كل ما يتعلق بأمور الدين الحنيف ... خاص بأهل السنة والجماعة فقط |
إضافة رد |
|
أدوات الموضوع |
مشاركة [ 1 ] | |||
|
|||
درجة الضيافة
|
[frame="15 10"]
كان صلى الله عليه وسلم يحافظ على القيام لأن الله قال له {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً} الإسراء79 من يريد أن يكون له مقام محمود؟ فعليه بقيام الليل ، وجعله الله عليه فرضا فقال له {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ{1} قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً {2} المزمل ويقول في ذلك أحد الصالحين : "ركعتان في جوف الليل الآخر خير من ألف ركعة بالنهار" وسبحان الله إن العلم الحديث في أيامنا هذه كشف لنا عن سر صلاة التهجد وذلك في حديث {عليكم بقيام الليل} قال صلى الله عليه وسلم {عَلَـيْكُم بقـيامِ اللَّـيْلِ، فإنَّهُ دأَبُ الصالـحينَ قَبْلَكُمْ، وإنَّ قـيامَ اللَّـيْلِ قُرْبَةٌ إلـى الله تَعَالَـى وتَكْفِـيرٌ للسيئاتِ، ومنهاةٌ عن الإثْمِ، ومَطْرَدَةٌ للدَّاءِ عن الـجَسَدِ}[1] وهذا الحديث من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، فالأطباء أثبتوا ذلك وقد كتب أحد أساتذة الأطباء في جريدة الأهرام المصرية نقلاً عن كتاب ألفه مجموعة من الأمريكيين جاء فيه "إن القيام من الفراش في اثناء الليل والحركة البسيطة داخل المنزل أو القيام بتدليك الأطراف بالماء – انظر هذا يشبه الوضوء – والقيام ببعض التمرينات الخفيفة -وهذا يشبه الصلاة – والتنفس بعمق –وهذا يكون في المناجاة- له فوائد صحية كبيرة " قال الأستاذ الطبيب "والمتأمل لهذه النصائح يجد أنها تماثل تماماً حركات الوضوء والصلاة عند قيام الليل وقد سبق النبي صلى الله عليه وسلم كل هذه الأبحاث في الإشارة المعجزة على فوائد قيام الليل وذكر الحديث" وعن هذه الفوائد قال : ثبت أن قيام الليل يؤدي إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزول وهو الكرتيزون الطبيعي للجسم خصوصا قبل الإستيقاظ بعدة ساعات ، وهو ما يتوافق زمنياً مع وقت السحر الثلث الأخير من الليل ، مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوى سكر الدم والذي يشكل خطورة على مرضى السكر ، ويقلل كذلك من الإرتفاع المفاجئ في ضغط الدم مما يقي من السكتة المخية والأزمات القلبية ويقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي ، الذي يحدث نتيجة لبطئ سريان الدم في أثناء النوم وزيادة لزوجة الدم بسبب قلة السوائل أو زيادة فقدانها أو بسبب السمنة المفرطة وصعوبة التنفس ويؤدى قيام الليل إلى تحسن في حركة وليونة المفاصل ، خاصة في مرض إلتهابات المفاصل وهو علاج ناجح لما يعرف بمرض الإجهاد المزمن ويؤدى إلى تخلص الجسم من الجليسيرات الثلاثية – نوع من الدهون التي تتراكم في الدم وتزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية ويقلل من خطر الوفيات من جميع الأسباب وينشط الذاكرة ، وينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة ، لما فيه من قراءة وتدبر للقرآن ، وذكر للأدعية فيقي من أمراض الزهايمر وخرف الشيخوخة والإكتئاب وغيرها ، وكذلك يخفف من شدة مرض طنين الأذن لأسباب غير معروفة هكذا ذكر الطبيب وهناك ابحاث أخرى ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم {ومطردة للداء عن الجسم} وبالتالي في القيام دواء وشفاء ونور وجمال وكمال وبهاء ولذلك فسيدنا جبريل نزل في مرة لرسول الله بوصية عظيمة من الله قال فيها {يا محمدُ عِشْ مَا شِئْتَ فِانَّكَ مَيِّتٌ واعْمَلْ مَا شِئْتَ فَانَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ وأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَانَّكَ مُفَارِقُهُ واعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ المُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ وعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ}[2] بعدها ارسل الحَبيب رسالة لجميع الصالحين السابقين واللاحقين من الذي يريد أن يكون من الوجهاء والعظماء يوم الدين فلبت أرواحهم : نحن وكان فحوى أو مضمون هذه الرسالة {بَشِّرِ الـمَشَّائِيْنَ فـي الظُلَـمِ إلـى الـمساجِدِ بالنورِ التَّامِّ يومَ القـيامةِ}[3] {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ{17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{18} الذاريات فإن هذا هو الوقت الذي يتنزل الله فيه إلى السماء الدنيا والتنزل يعني يتنزل بفضله وكرمه وخيره وبره ورحمته وعنايته وليس معنى يتنزل أي يتنزل بذاته لأن الله لا يحيزه زمان ولا مكان وينادي فيه هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مبتلى فأعافيه؟ هل من مسترزق فأرزقه؟ هل من كذا هل من كذا حتى مطلع الفجر سهام الليل صائبة المرامي إذا وترت بأوتار الخشوع يصوبها إلى المرمى رجال يطيلون السجود مع الركوع إذا أوترن ثم رمين سهما ما يغني التحصن بالدروع وسهام الليل أي الدعوات التي في جوف الليل الآخر لأنها سهام تصيب في النحور فهذا هو وقت الفتح وأوقات مناجاة ، ولذلك فإن جميع الصالحين ينادى عليهم معسكر الجمع على الله في وقت الليل الآخر ولذلك كانت أم سيدنا سليمان بن داود عليه السلام تقول له: يا بني لا يكن الديك أفقه منك فإنه يقوم لله في جوف الليل الآخر وكان الصالحون يقومون عند سماع الديكة ، وكانت هذه المنبهات التى تنبههم إن لم تكن المنبهات في الصدور ولذلك أحد الصالحين " من لم يكن له في بدايته قومه لم يكن له في نهايته جِلسة" من يريد أن يكون له جلسه في مقعد صدق او مع الذين اتقوا والذين هم محسنون لا بد أن تكون له قومه بالليل ، لأن هذا هو وقت الجمع على الله وهذه هي السنة التي كان عليها سيدنا رسول الله فقد كنا نصلي القيام في رمضان فيلزم يا إخواني أن نحافظ على القيام والصلاة ذكر لأنها شاملة لكل شيء ، فيها ذكر وفيها تلاوة قرآن وفيها تفكر وفيها تدبر وفيها خشوع وفيها خضوع ، وفيها رياضة بدنية إنها عبادة جامعة ، فخير الذكر ما كان في الصلاة {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} طه14 وخير التلاوة ، ما كانت في الصلاة {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} فاطر29 والتلاوة هنا في الصلاة {1} حديث صحيح فى السنن الكبرى للبيهقى عن بلال رضي الله عنه وروايات أخرى الترمذي وغيره عن أبي أمامة [2] رواه الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد والحاكم في المستدرك وحسنه الهيثمى في مجمع الزوائد [3] حازم عن سهل بن سعد الساعديِّ سنن البيهقى الكبرى وصحيح ابن خزيمة |
||
مشاركة [ 2 ] | |||
|
|||
درجة الضيافة
|
[frame="5 10"]
الركن الرابع هو الزكاة لمن عليه الفريضة ومن ليس عليه زكاة عليه نفلها وهو الصدقة والصدقة يا اخواني هي باب القرب وسر كل عطاء وقد قال الله عزَّ وجلَّ (يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ)[1] ولذلك لو جاء عبد بعبادة الثقلين وكان شحيحا في الإنفاق فقل له ليس لك نصيب في كرم المليك الخلاق {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} الحشر9 وكان الشيخ أحمد بن عطاء الله السكندري رضي الله عنه يقول "تصدق ولو بنصف تمرة كل يوم تكتب في ديوان المتصدقين وصلي ولو ركعتين في جوف الليل كل ليلة تكتب في ديوان القائمين" إنها دواوين تفتح كل يوم ، ويلزم للإنسان أن تكون له صدقة دائمة لله عز وجل {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً} البقرة273 ومن لم يتمرن على الإنفاق لا يطمع في كرم الله عزَّ وجلَّ (يَا ابْنَ آدَمَ أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) لأن خلق الله الكرم و اسمه الكريم وليس من أخلاقه أو أسمائه البخيل وهو كريم يحب كل كريم لأن الله يحب من خلقه من كان على خُلُقِه ويقول صلى الله عليه وسلم {السَّخَاءُ شَجَرَةٌ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ ، أَغْصَانُهَا مُتَدَليَاتٌ فِي الدُّنْيَا ، فَمَنْ أَخَذَ بِغُصُنٍ مِنْهَا قَادَهُ ذٰلِكَ الْغُصْنُ إِلَى الْجَنَّةِ ، وَالْبُخْلُ شَجَرَةٌ مِنْ أَشْجَارِ النَّارُ ، أَغْصَانُهَا مُتَدَليَاتٌ فِي الدُّنْيَا ، فَمَنْ أَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْهَا قَادَهُ ذٰلِكَ الْغُصْنُ إِلَى النَّارِ} [2] ومن يريد أن يكون من أهل الغرف العالية في الجنة ماذا يفعل يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه و سلم {إنَّ في الجَنَّةِ غُرَفاً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنَها، وَبَاطِنُها مِنْ ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّها اللَّهُ لِمَنْ أَطعَمَ الطَّعَامَ ، وَ أَفْشَى السَّلامَ ، وَصَلَّى باللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ} [3] وهذه يا إخواني هي أبواب الإكرام يكفي أن (والصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الخَطِيئَةَ كما يُطْفِىءُ الماءُ النَّارَ)[4] ومن منا بغير خطيئة ، وأسرع شيء لمحو الخطيئة هو الصدقة وربما يكون الاستغفار بغير حضور لكن ما يطفئ هذه النار وهذه الأوزار هي الصدقة ، فمن يريد أن يحبه الله عليه أن يكون من المتصدقين والمكرمين والعطاءين {1} عن أبى هريرة رضي الله عنه صحيح مسلم {2} جامع الأحاديث و المراسيل عن أَبي هُرَيْرَةَ {3} صحيح ابن حبان عن أبي مالك الأشعري {4} مجمع الزوائد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه كيف يحبك الله منقول من كتاب {كيف يحبك الله} اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً [/frame] |
||
مشاركة [ 3 ] | |||
|
|||
درجة الضيافة
|
[frame="11 10"]
خرج صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات يوم وهم يتحدثون عن أنبياء الله السابقين ، وكان أصحابه ملهمين ، فما تحدثوا به هو الحقيقة التي اختارها الله ونزلت في كتابه المبين فقال بعضهم {عَجَباً إنَّ الله عز وجل اتّخَذَ مِنْ خَلْقِهِ خَلِيلاً اتَّخَذَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ خَليِلاً وَقالَ آخَرُ: مَاذَا بِأَعْجَبَ مِنْ كَلاَمِ مُوسَى كَلَّمَهُ تَكْلِيما وقَالَ آخَرُ: فَعِيسَى كَلِمَة الله وُروحُهُ. وَقالَ آخَرُ: آدَمُ اصْطَفَاهُ الله - فسمع الحبيب وهو في داره هذا الحوار فانشرح صدره وارتاح فؤاده لأنه علم أنهم يستكنهون الغيوب ويستلهمون العلوم من حضرة علام الغيوب عزَّ وجلَّ وهذا هو المطلوب فخرج عليهم فَسَلَّمَ وقال صلى الله عليه وسلم : وَقالَ: «قَدْ سَمِعْتُ كَلاَمَكُمْ وَعَجَبَكُمْ. إنَّ إِبْرَاهِيمَ خَليلُ الله وَهُوَ كَذَلِكَ، وَمُوسَى نَجِيُّ الله وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعِيسَى رُوحُ الله وَكَلِمتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وآدَمُ اصْطَفَاهُ الله وَهُوَ كَذَلِكَ، أَلاَ وَأَنَا حَبِيبُ الله وَلاَ فَخْرَ}[1] فمقام المحبوبية أغلى ما نحرص عليه ، وأثمن ما نقدم كل غالٍ وكل ضنين في سبيله ، لأننا نتمنى جميعاً أن نفوز بمحبة الله حتى نكون من أهل وراثة حبيب الله ومُصطفاه صلى الله عليه وسلم ومن فضل الله علينا ومن كرم الله لنا أجمعين أن الله فتح لنا أبواباً لا عد لها ، كل باب منها إذا دخله الإنسان وصدق فيه يكون نصيبه أن يحبه الله والذي يريد أن يحبه الله ، ماذا يفعل؟ هناك أبواب كثيرة لذلك ، لكن الباب الأعظم والذي عليه المدار والذي هو أُسّ حياة الصالحين والأخيار والأبرار فلا يستغني عنه واصل ولا يستطيع أن يتركه عارف أو متمكن ، هذا الباب يقول فيه الكريم الوهاب عز وجل {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222 هذا هو الباب : أن يكون من التوابين أو من المتطهرين لأنه كلام الله وقد بدأ الله كلامه بـ "إن" للتأكيد وإن كان كلام الله كما نعلم جميعاً هو كلام أكيد لأنه كلام الحميد المجيد عز وجل " التوابين والمتطهرين" ومن لطف الله بنا وإكرامه لنا أنه لم يقل أن الله يحب التائبين لأن كلمة التائبين تعني أن التوبة مرة واحدة ويُغلق الباب ، لكن " التوابين" بصيغة المبالغة معناها أن باب التوبة مفتوح فكلما أذنب العبد ورجع إلى الله وجد الله فرحاً به ويخلع عليه ثياب محبته ، المهم أن يدّثر دائماً بلباس التوبة ، والظالم لنفسه هو الذي يظن أنه تجاوز مقام التوبة ولم يعد له نصيب في التوبة فيشتغل بأمر آخر ولا يرجع للتوبة ، والتوبة لا تفارق أي مقام ولا أي درجة ومنزلة لأن الحبيب الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم كان يقول فيها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اسْتَغْفِرُوا الله وَتُوبُوا إِلَيْهِ ، فَإني أَسْتَغْفِرُ الله وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ مَرَّةٍ}[2] وأرجو أن يلفت إخواني أنظارهم إلى هذا الحديث ويفهموه بعقل حثيث ، فإن أغلب الخلق فهموا من الحديث أن يستغفر الله في اليوم مائة مرة ، والحديث لم يشر إلى ذلك فقط ماذا قال حبيبي وقرة عيني صلى الله عليه وسلم؟ اسمعوا وعوا : أيها الناس توبوا إلى الله – وهذا شق- واستغفروه – وهذا شق آخر- ثم بين فعله وحاله فقال : فإني أتوب إلى الله – وهذا شق- وأستغفره في اليوم مائة مرة ، فالتوبة غير الاستغفار ، لأن الاستغفار عمل من أعمال الجوارح أو من أعمال القلب يتوجه به العبد إلى مولاه ، يستغفر الله وله بكل استغفار عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف ويزيد الله لمن يشاء ، لكن التوبة لها أركانها ولها أحوالها ولها جمالاتها التي يجب على التائب أن يتجمل بها ليحبه الله ، فإن الله لم يقل إن الله يحب المستغفرين وإنما قال {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة222 صحيح أن التوبة في كل مقام من مقامات السير والسلوك إلى حضرة الله لها معناها ولها أحوالها ولها متعلقاتها لكنها توبة ، فمن الناس من يتوب من سيئاته ، ومن الناس من يتوب من طاعاته ، ومنهم من يتوب من غفلاته ، ومنهم من يتوب من وجوده ، ومنهم من يتوب من شهوده ، أحوال عالية ومقامات راقية ، والتوبة لا تفارق كمل العارفين طرفة عين ولا أقل ، حتى المقام الأعظم الذي فيه الحبيب الأكرم يبين سر هذه التوبة التي يتوبها فيقول صلى الله عليه وسلم في مقامه {إنَّهُ لَـيُغَانُ علـى قَلْبِـي، وإنِّـي لأَسْتَغْفِرُ الله فـي الـيومِ مِائَةَ مَرَّةٍ }[3] وهذا حديث آخر غير الحديث الأول يبين لماذا يتوب ، إني ليغان على قلبي فاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم سبعين مرة: أحد الصالحين قال: تحيرت في هذا الحديث وقلت في نفسي وما الغين الذي يغان به على قلب رسول الله؟ وكلمة الغين يعني الغطاء ، فنحن قد يغطي على قلوبنا الشهوات أو الحظوظ والأهواء أو الأوزار فقد بين الحبيب حالنا وقال في شأننا {إِنَّ الـمؤمنَ إِذَا أَذْنَبَ ذنباً كانتْ نُكْتةً سوداءَ فـي قَلْبِهِ ، فَإِنْ تابَ ونَزَعَ واسْتَغْفَرَ صُقِلَ مِنْهَا قَلْبُهُ ، فَإِنْ عادَ زَادَتْ حَتَّـى يَعْلَقَ بِهَا قَلْبُهُ ، فذلكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ الله فـي كِتَابِهِ }[4] يعني الغطاء ، ثم تلى قول الله {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ{14} كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ{15} المطففين فالران أو الغطاء الذي على قلوبنا سببه الذنوب كلما أذنب العبد ذنباً كان نكتة سوداء على قلبه ، ونكتة مع نكتة مع نكتة يكون الران أو الغطاء فيحجب العبد عن أنوار ذي الجلال والإكرام ، فيكون في الغفلة أو في وادي التيه أو في أرض القطيعة أو في مهاوي العصيان ، المهم أنه يكون في بعد عن حضرة الرحمن ، لأن الوصلة التي بينه وبين مولاه غطاها بالذنوب التي ارتكبتها نفسه ولم يتب منها إلى حضرة الله في هذه الحياة ، لكن رسول الله ليس له ذنوب والله هو الذي شهد بذلك وقال في كلامه المكتوب {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} الفتح2 فاحتار الرجل الصالح ما الذي سيتوب منه رسول الله؟ فالصغار يتوبون من الذنوب ، ومن تاب وأناب وسلك طريق الأوبة إلى حضرة التواب وأخذ يتعبد ويتقرب بالنوافل لمولاه ، قد يتوب من تقصيره في الطاعات ، فلا يوجد من يستطيع أن يعبد الله حق عبادته حتى الملائكة الذين خلقهم الله فمنهم الراكع أبدا ومنهم الساجد أبدا ومنهم الذاكر سرمداً ، يقوم الساجدون يوم القيامة من سجدة واحدة منذ أن خلقهم الله وهم سجود فيها ، فيقولون سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ، فمن منا يا إخواني من يعبد الله حق عبادته؟ إذا فهو يتوب من التقصير كحال أصحاب البشير النذير صلى الله عليه وسلم كما أخبر الله عنهم وقال في شأنهم {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ{17} وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{18} الذاريات يستغفرون من رؤية التقصير في الطاعات لأنهم رأوا أنفسهم لا يستطيعون الإخلاص كل الإخلاص ولا الصدق كل الصدق ولا التوجه بالكلية بحضور الأرواح والقلوب والأجسام والهمم كلها في مناجاة رب البرية عند طاعته وعبادته عز وجل ومن يستطيع ذلك أحد الصالحين وقع في ذنب فخرج سائحاً في صحراء المقطم وهو يردد ويقول : من ذا الذي ما ساء قط ... ومن له الحسنى فقط فسمع قائلاً يقول: محمد الهادي الذي ... عليه جبريل قد هبط فلا يوجد غيره صلى الله عليه وسلم لكن الباقين كلهم ذنوب وعيوب وظلمات وأوزار {1} سنن الترمذى ، عن ابن عباس .وتمامه (وأنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ الله لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ المُؤْمِنِينَ وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَكْرَمُ الأَوَّلِينَ وَالآخَرِينَ وَلاَ فَخْرَ ) {2} جامع الأحاديث و المراسيل ، عن أَبي بردةَ عن الأَغر {3} سنن البيهقى الكبرى عن الأَغَرِّ الـمُزَنِـيِّ ورواه مسلـم فـي الصحيح عن يحيـى بن يحيـى وأبـي الربـيع الزهرانـي {4} صحيح ابن حبان عن أبي هريرة |
||