الخميس, 25 يونيو 2009
ناصر نافع البراق
في الموروث العربي يظل للكريم والشجاع مكانة في النفوس، فالجميع يحبهما، والأغلبية يلجأون إليهما عند الحاجة، وكلاهما مكتنز مروءةً وشهامةً وحبًّا للنجدة، وإغاثةً للملهوف.
ولكن الصفة التي تكاد تكون ملازمةً للرجل الشجاع، هو تشبثه برأيه، رغم معرفته أحيانًا بمسلكه الخاطئ، ومجانبته للصواب، وأحيانًا كثيرة لا يكترث بمنتقديه، ولا ينصاع لناصحيه، لا لسبب إلاَّ لأنه يهوى العناد، ويتباهى بذلك، وإذا ما نظرنا إلى بعض الشركات والمؤسسات الخدمية حولنا نجد أن سلوكياتها لا تخلو من السمات الشخصية لبعض أولئك الشجعان!!، فالخطوط السعودية -مثلاً- لا يعنيها ما تكتبه الصحافة، حتى لو كان في مصلحتها، ولا يهمها راحة العميل، لأنه لن يطير إلاَّ من خلالها!! فبالتالي إستراتيجيتها الخدمية والإعلامية ثابتة ومتكررة، بل تعيد نفسها كل سنة، وتكرر أخطاءها كل شهر، وتمارس تقصيرها كل يوم، ولن تحيد قيد أنملة عن «إستراتيجيتها التطنيشية» بسبب كلام جرايد، وكُتَّاب يقولون ما لا يفعلون!.
فقبل ما يزيد على ثلاث سنوات كنتُ في رحلة من الكويت إلى الرياض، وجئتُ إلى «كاونتر السعودية» في مطار الكويت قبل الرحلة بساعتين، فوجدتُ الرحلة أُغلقت رغم احتجاج كثير ممّن سبقوني من المسافرين -اللا ملقى لهم بالاً أصلاً-، فتقدمتُ من آخر الطابور بثقة زائدة لأتحدث مع المسؤول، وهأنذا أقول لمن يقف أمامي، لو سمحت الطريق! الطريق لو سمحت!! حتّى وصلتُ موظف الخطوط فسألته عن سبب الإغلاق، فنظر إليَّ شزرًا، وأومأ برأسه، وبدأ بسرد مبرراته الواهية بلكنته العربية الشعبية!!، وبعد جهدٍ جهيدٍ، ونقاشٍ مخيّبٍ للآمال، اضطر الجميع إلى شراء تذكرة على رحلة الخطوط الكويتية المتّجهة للرياض.
أمّا ثالثة الأثافي فرحلة “السعودية” ذات الرقم Svo459، والمتّجهة إلى الخرطوم صباح الخميس الماضي 25 جمادى الآخرة، إذ أقلعت -حرسها الله- الخامسة فجرًا من مطار الملك خالد، وبأربعمائة مسافر، وحطّت برحالها في مطار الخرطوم الدولي في تمام الثامنة والنصف مساءً، أي استغرقت أكثر من ثلاث عشرة ساعة بين الرياض والخرطوم، كيف؟ ولماذا؟ اسألوا الخطوط السعودية عن السر.
ولا بد دون الشهد من إبر النحلِ..